حريــــــــــــة التعبيـــــــــــر

مفهوماً أختلفت فيه كثيراً من الآراء...فمن بين النقيض مما يباح و لا يباح من حرية التعبير أموراً متشابهات ما برح الخلق يسهر جراها ويختصم...
فهناك من يجزم أنه لا توجد حرية تعبير مطلقة مثلما لا يوجد حجب مطلق لها...وذاك يجزم ايضاً أنها متى أطلق عنانها بلا نصاب ولا قيد تحولت إلى معول هدم لا بناء...وهناك من يرى ضرورة وجود خطوط حمراء وشبه حمراء تحد من حرية التعبير...وأخر يرى أن الأمر نسبي القياس بمعنى أن حرية التعبير تخضع لثوابت ومتغيرات الإجتهاد الذي تمارسه هذه الجهة أو تلك سواء كانت تلك الجهة كاتباً أو قارئاً أو مسئولاً عن الرقابة الرسمية أو المجتمع بفئاته وتنظيماته وأفراده...
إذن لا بد أن تكون حرية التعبير مقننة تقنيناً عقلانياً يتيح هامشاً كبيراً من التعبير ويردع العبث به فعلاً أو فاعلاً أو متلقياً ويكون ذلك عبر سلطة الدولة أو سلطة المجتمع أو سلطة القيم و الأعراف والأخلاق وفوق هذا وقبل هذا كله سلطة المعتقد...ومن ثم فإن أي مفهوم أخر لحرية التعبير يناقض هذا التصور ماهو إلا دعوة مفتوحة لمصادرة الحرية نفسها وسحب البساط من تحت المتفيئين بظلالها ومن ثم حرمان المجتمع من قطوف الإبداع الذي تفرزة...
لأن الحرية المطلقة تثمر شقاقاً بين أغراض وغايات يتعذر التوفيق بينهما وقد لا يحسم الخلاف بسببها إلا القوة المجردة وتكون الحرية أول الشهداء فيراق على حوضها دم الفرقة وتضرم في أحشائها نار الخصام...
على الكاتب أن يمارس على نفسه الرقابة حين يغلو في توجس الحذر فيما يكتب خشية الزلل فيحرم نفسه فرصة الإبداع ويحرم قراءة فرحة الإستمتاع بذلك...
إن كل عاقل مسئولاً كان أو كاتباً أو قارئاً أن يرحب بالنقد السوي والموثق لهموم البلاد والعباد ولكن بإسلوب حضاري يقوم على معادلة الصدق أولاً والرغبة في الإصلاح ثانياً وتقصي الحقائق من مصادرها ثالثاً ثم التفسير دون غلو في التأويل ولا تهويل في الإستنتاج يفسد المعنى
وفي الختام علينا تذكر أمرين :
الاول : أن أهمية الكتابة وفاعليتها ومايترتب عليها من ردود فعل سلباً وإيجاباً ليست دائماً فيما يطرحه الكاتب بل في الكيفية التي يعبر بها..
الثاني : النقد البناء والدعوة للإصلاح حق مشاع لمن أستطاع إليه سبيلا...
وأخيـــــــــراً الأمر في هذا الموضوع لم يكتمل بعد فهناك جزئية كبيره تقع على أعتاقكم...وهي أرائكم فهي مايضف للموضوع تألقاً وبريقا...فلا تحرمونا من ذلك...